نفسیّة المتنبّی وسَعدی وأثرها فی حکمتهما الشعریّة
بحث في مجلة دراسات في اللغة العربيّة وآدابها - جامعة سمنان - http://lasem.journals.semnan.ac.ir
الملخص
إنّ نفسیة المتنبی وسَعدی من أهمّ المؤثّرات على حِکمة الشاعرین. لأنها تؤثّر على حِکمتهما من جهتین، الأولى بتأثیرها على إقبالهما علی الحِکمة، والثانیة بتأثیرها على المضامین والموضوعات الحکمیّة الملائمة لنفسیّتهما. واتّضح لنا أخیرا أنّ الشاعرین مختلفان فی هذا الجانب کلّ الاختلاف، إذ لا نلاحظ أیّ تشابه بینهما، فکلّ ما ذکرنا فی هذه المقالة هو تفاوت وتباعد، بل تناقض وتعاکس أحیاناً. لأنّ تواضع سَعدی یناقض غرور المتنبّی، وتفاؤله عکس تشاؤم المتنبّی، وتدیّنه یناقض ضعف عقیدة المتنبّی. فخلاصة الکلام فی هذا المجال أنّ معالجة نفسیّة الشاعرین تُظهر لنا التفاوت بین المتنبّی کشاعر المدح وسَعدی کشاعر الموعظة والنصیحة، أی: التفاوت بین المدّاح والواعظ. وإن اشترک الشاعرین فیما یؤخذ علیهما، هو بسبب بعض التناقضات بین حکمتهما الشعریّة وبین حیاتهما العملیّة، من قبیل التکسّب والإباحیّة. أمّا تأثیر هذا الاختلاف فی المضامین الحکمیّة، فیظهر فی الإکثار من بعض المضامین دون غیرها. فکان حثُّ المتنبّی على الشجاعة والجرأة أکثر بکثیر من حثّ سَعدی علیهما، وبالعکس لا یقاس إقبال المتنبّی على التواضع مع إقبال سعدی علیه. وکذلک أنّ المتنبّی ما حثَّ على القناعة والعدالة ولم یمنع عن الأنانیّة والغرور، بینما حثّ سَعدی على القناعة والعدالة والإنصاف ومَنَع عن الغرور والأنانیّة کثیراً.