تجليّات الغربة وظواهرُها في أشعار «عدنان الصائغ» ديوانا «تأبّط منفی» و «تکوينات» نموذجا
بحث في مجلة الجمعية العلمية الإيرانية للغة العربية وآدابها/http://iaall.iranjournals.ir/
الغربة أو الإغتراب ظاهرة قدیمة قدم الإنسان حیث تصل إلى آدم (ع) وتشمل عامّة المجتمعات والثقافات. فکثیر من الشعراء أخذوا یتطرقون إلیها إثر الهموم والآلام التی تطرق أبواب قلوبهم. فللغربة تجلیات وظواهر ألیمة وممضّة علی قلوب الشعراء حیث عبّر کلٌّ منهم عنها وفقاً لرؤیته وظروفه. ومن هؤلاء الشعراء الذین تأبّط منفاه واختار الغربة مجبراً إثر أوضاع وأحداث بلاده المؤلمة والظروف الخانقة هو الشاعر العراقی المعاصر “عدنان الصائغ”. فقد ضاقت به الحال فی بلده فلم یجد إلّا أن یضرب فی مناکب الأرض متنقّلاً بین البلدان بحثاً عن الأمان والرّزق. وظّف هذا الشاعر ظاهرة الغربة والحنین فی أشعاره عامّةً وقد بالغ فی اهتمامه بالوطن بسبب أنّه یجمع فیه کل ما یشتاق إلیه؛ والشاعر منفیّ مطرود من بلده بید الدهر بسبب الظروف الخانقة التی طرأت فی بلده.
فنحن فی إطار هذا البحث وفقاً للمنهج الوصفی التحلیلی سنحاول أن نقوم ببیان أهمّ الموضوعات التی تکشف عن حالات الغربة والسیاسات التعسفیّة التی أرغمته علی مغادرة العراق، ثم نرکّز علی مواقف الحنین إلی الأهل والأحبّة، والمظاهر الطبیعیّة، وذلک فی دیوانیه “تأبّط منفى” و”تکوینات”؛ وهذا البحث یقدّم فکرة للقارئ عن مدی الظلم الذی قام به النظام البعثی تجاه النخب العراقیّة وعلی رأسهم الشعراء والکتّاب جراء سیاسات لاإنسانیة دفعت المواطنین إلی مغادرة البلاد. ومن أهمّ النتائج التی توصّلنا إلیها فی هذا البحث هو أنّ الشاعر رغم مغادرة الوطن بقى متعلّقاً بالأحبّة والأهل والمظاهر الطبیعیّة فی العراق، فیحنّ إلی وطنه الضائع بکلّ ما لدیه من الوجد والشوق؛ وترف الحیاة ونعیمها فی الخارج لم یشغله عن ذکر وطنه بل أخذ یعبّر عن مضاضة العیش فی غربته، ویرسل الزفرات شوقاً وحنیناً لوطنه. وقد تبیّن لنا أنّ أسلوب الشاعر سلس بسیط، وأحزانه لم تدع له موضعاً لتکلّف العسیر من الألفاظ والتعابیر، مما جعل شعره یتّسم بالصدق والسلاسة.