بررسی مسائل اجتماعی در رمان «لیل وقضبان» نجیب کیلانی
بحوث في اللغة العربية - جامعة أصفهان - http://rall.ui.ac.ir/
للأدب والأدیب علاقةٌ وثیقة بالمجتمع والأحوال الاجتماعیة والسیاسیه. والأدب لا یکون أدباً إلاّ فی ظلّ ظروف اجتماعیة مُحَدّدة؛ فإنّ الأدب بهذا المعنى لا یؤدّی الوظیفة المُنوّطة به إلاّ إذا کان مرآةً تنعکس فیها الحیاة الاجتماعیة بمختلف أبعادها؛ وأن یُحرّض النّاس على إصلاح المجتمع واستخدام قُواهم لمحاربة الفقر، والجهل، والاستعمار، وإقامة العدالة الاجتماعیة والحریة. فإنّ الأدب القصصی، ومن أنواعه الرّوایة ذو مجالٍ واسع جدّاً لعرض الأفکار بکافّة أنواعها، الفلسفیة منها، والسیاسیة، والاجتماعیة، والثّقافیة، وغیرها. ولاشکّ فی أنّ روایة «لیلُ وقُضبان» من الآثار الخالدة لنجیب الکیلانی؛ الکاتب الرّوائی والمفکّرالإسلامی المصری فی الأدب العربی المعاصر، ولذلک تُرجمَت إلى اللّغات الأجنبیة الکثیرة فی العالم، وأنتجت منها أفلام فی بعض البُلدان العربیة. أمّا روایة «لیل وقُضبان» فتدور وقائعها فی السِّجن، ومحیط خارج السّجن. وفی الواقع إنّ هذا السّجن هو رمزٌ للمجتمع الّذی یعکس من خلال حوادثه وقائعَ ذلک المجتمع بأکمله. یتکلّم نجیب الکیلانی فی هذه الرّوایة عن بعض وُجوه الحیاة فی مصر، لاسیّما السّجن بما فیه من المظالم، وصُور القهر والتعذیب، وانقلاب الإنسان إلى الوحش. واستطاع أن یُقدّم فی صورة دقیقة، المشاعر الّتی تضطرم بها جوانحهم؛ الآمال الضائعة، والأحلام المیتة، والآلام النفسیّة الّتی تطحنهم طحناً، وما یُعانیه السُّجناء من صنوف الذلّ والمهانة، وما یصدر عن المساجین من الشغب على الحیاة داخل المُستعمرة الکئیبة. کذلک استطاع الکیلانی أن یُصوّر الحیاة داخل السّجن، بجانبها المادّی والنفسی بحیث أشعرنا أنّنا نعیش فعلاً مع المَساجین. فإنّ موضوع السجن بکُلّ ما فیه من الحوادث، والشخصیات، والصور النفسیة والإنسانیة، والمشکلات الفکریة والاجتماعیة والسیاسیة، کان من الموضوعات الّتی استأثرت باهتمام الکاتب. وأمّا المضامین الاجتماعیة الّتی تحتلّ مکاناً واسعاً فی روایته فهو موضوع تحریر المرأة، وحقّها فی التعلیم، وحرّیتها فی اختیار الزّوج والطّلاق. وعلى عکس هذا، نری فی الروایة قد صوّر الکیلانی المرأة على أنّها ماکرة وهی فی الحقیقة الشیطان الجمیل. تسعى هذه المقالة أن تُرسم تصویراً موجزاً من حیاة نجیب الکیلانی، وأفکاره، وآثاره، وأهمّ وجوه المضامین الاجتماعیة فی روایته «لیل وقُضبان»، ومعالجة بعضها على قدر المستطاع.