الظواهر الأسلوبيّة وتأثيرها الإيحائي علی قصيدة “أنشودة التحرير” لعبدالرحيم محمود

الأسلوبیة منهج نقدی حدیث تسعى إلى دراسة المکوّنات اللغویة التی تحوّل الکلام من العادی إلى الفنّی، وتکشف عن الجمالیة الکامنة فی النصّ کی تبیّن للقارئ أهمّ السمات الفنیّة التی یتمتّع بها أسلوب المبدع الخاص به والذی یمیّزه عن الشعراء الآخرین. للشاعر الفلسطینی الثائر عبدالرحیم محمود أسلوب خاص وفرید فی إستنهاض الهمم ودعم المقاومة؛ وهذا البحث دراسة أسلوبیة لقصیدة “أنشودة التحریر” التی تُعتبَر من أبرز قصائد عبدالرحیم محمود فی المقاومة فتتحدّث هذه الرائعة عن العرب عامة والفلسطینیین خاصة، وتمیّزهم عن أعداءهم من حیث الأخلاق وطبیعتهم الکریمة، فیذکر ماضیهم الجمیل ویطلب منهم أن یطرحوا الیأس جانباً ویتسلّحوا بروح المقاومة حتّى یصلوا إلى الحریّة والکرامة.
هذا البحث وفقاً للمنهج الوصفی ـ التحلیلی واستمداداً من المنهج الإحصائی یهدف إلى دراسة الهیکل البنائی للشعر وتحلیل أنساقه حسب المستویات الصوتیة والترکیبیة والبلاغیة التی غلبت على قصیدة “أنشودة التحریر”، وأصبحت أسلوباً خاصاً للشاعر؛ کما رکز البحث علی العلاقات التی تربط بین هذه المستویات بغیة الوصول إلى ما یمیّز هذه القصیدة من جمالیات کامنة وراء ذلک الهیکل البنائی. ومن أهمّ النتائج التی توصّلنا إلیها فی هذه الدراسة هی أنّ معظم الأصوات فی القصیدة تتکوّن من الأصوات المجهورة والشدیدة حتّى تثیر روح التحمّس فی نفس المخاطب؛ وتتجلى مهمة الإیقاع بواسطة التکرار، فتکرار المفردات یظهر الفکر الرئیسی فی القصیدة ویساهم فی الإیحاء والتأکید على المقاومة؛ کما أنّ کثرة الجمل الفعلیة فی القصیدة بالنسبة للجمل الإسمیة تظهر استمراریة النضال ووجود الأمل فی کلّ الظروف والتطلّع إلى التحریر فی نفوس الفلسطینیین لأنّ الجمل الفعلیة تشحن النشاط والحرکة فی النص وتفضی إلی إثارة حماس الشعب. کذلک تمتاز القصیدة بأسالیب بلاغیة مختلفة تساعد فی إیضاح المعانی من خلال تجسید الصور الحسیة لبیان المقصود، وهی فضلاً عن البعد الإیقاعی، رفدت القصیدة بروح حماسیّة وعاطفة ثوریّة ودلالة شعوریّة موحیّة.