التقنيات الزمنية السردية في بيروتيات محمود درويش، قصيدة “مديح الظلّ العالي” نموذجا
بحث في مجلة دراسات في اللغة العربيّة وآدابها - جامعة سمنان - http://lasem.journals.semnan.ac.ir
الملخص
لقد عُدَّ الأدب ظاهرةً نشيطةً في منظومة التكوين المعرفيّ وسيروته، وهو تكوينٌ متكاملٌ يُعرَف فيه الشعر بوصفه نموذجاً أكثر نشاطاً وديناميكيّةً علي التجاوز للحدود التعبيريّة المعرقلة ونيل نظامٍ إبداعيٍّ في النصوص الأدبيّة متّجهاً إلي مسار الخطّ التأريخيّ والتعبير عن مآزق النماذج الإبداعيّة وأزمات المجتمع البشريّ الراهنة. لقد كان الزمن حالةً ذاتيةً اجتماعيةً لا ترتبط في أصلها بمحاور الزمن الحاضر فحسب، بل تقتضي ضرورته السرديّة في الشعر العربيّ المعاصر إنشاء العلاقة مع السيروة الجماعيّة بين مكوّناته الثلاث “الماضي، والحاضر، والمستقبل”، وهي الّتي تتداخل وتتواشج لتشكيل زمنٍ عضويٍ خاصٍّ من الواقع الاجتماعيّ في القصيدة العربية. ونظراً إلي قضيّة الزمن، تناول الشعر الفلسطينيّ المعاصر موضوع المكان كمحور الرجاء والأمل في المستقبل إلي حدٍّ فتح فيه البعد عن الوطن والحضور في المنفي أبواباً جديدةً أمام الشعراء الفلسطينيين عبر الزمن، منهم محمود درويش هو الشاعر الفلسطينيّ العملاق الّذي حينما ارتحل إلي بيروت منفيّاً أدرك فيها الكثير من أبعادٍ زمنيّةٍ متباينةٍ شغلته تحوّلاتها عن نفسه وذهبت به إلي مرحلةٍ زمكانيةٍ بين تحديات العربيّ والصهيونيّ وبما فيها من تداعياتٍ تستنفرها ذات الشاعر وتُفيضها من الحوافز البالغة للمواجهة والتحدّي. ترعرعت هذه الدراسة المستفيضة من خلال المنهج الوصفيّ – التحليليّ وتدلّ حصيلتها علي أنّ الزمن كان في قصيدة “مديح الظلّ العالي” لمحمود درويش بؤرة الاستقطابات الدلاليّة عن بيروت بحيث يتّسع مدلوله تحت ظلال هذه المدينة ويتزوّد بأساليب لغويّةٍ مختلفةٍ وتقنياتٍ كاسترجاع الزمن، واستباقه، والتسلسل الزمنيّ المحدّد لتعميق صورةٍ متأزّمةٍ وجريحةٍ من المدينة؛ فتتناغم جميع هذه التقنيات مع خلجات نفس الشاعر وتجاربه الخاصّة الّتي انصرفت في الكثير من هذه القصيدة عن موقفها الاعتياديّ إلي كنوزٍ نفسيّةٍ ووجدانيّةٍ تنير مدي شعوره بالتحوّلات الزمنيّة وسطوتها علي أحداث مدينة بيروت.