الألوان ودلالاتها فی خمریات أبی نؤاس

إنّ اللون آیة من آیات الله جلّ جلاله وإحدى خصائص الحیاة البشریّة، تتغیّر دلالاتها بتغییر الزمان والمکان والخصائص النفسیّة والظروف الاجتماعیّة فی العصور المختلفة؛ کما یلعب دوراً جلیّاً فی الأوصاف الشعریة التی تخلق مشاهد تصویریة بارعة، خاصة عند الشعراء العباسیین الذین تنوّعت الألوان فی أشعارهم، لتنوع مظاهر الحیاة فی عصرهم نتیجة الامتزاج الثقافی بین العرب وغیرهم من الشعوب.
فهذه المقالة تعالج بالمنهج الوصفی- التحلیلی الألوان ودلالاتها المختلفة فی خمریات أبی نؤاس الذی یعتبر من أبرز الشعراء الذین استعانوا بالألوان فی رسم لوحاتهم الشعریة، متأثّراً بمجتمعه وبثقافته الفارسیّة التی أدت إلى کثرة استعمال اللون فی دیوانه ولاسیما فی قصائده الخمریّة.
فی نهایة المطاف تکشف المقالة عن هذه الحقیقة وهی أنّ الشاعر استعان بالألوان مباشرة وغیر مباشرة لخلق اللوحات الفنیة والمشاهد الفریدة التی تلائم ذوقه العصری بدلالاتها المتنوعة من النشاط والفرح والتقدّس والحرارة واللمعان وإزالة الظلمة فی اللون الأصفر، والصحّة والزینة والفخر والصبغة الأرستقراطیة والملکیّة للخمر فی اللون الأحمر؛ والحمایة والاحتفاظ والفرح فی اللون الأسود؛ والصفاء والجمال ومداهمة الزمان وإضافته فی اللون الأبیض؛ والشباب والخضرة وتجدید الحیاة والجمال والبهجة فی اللون الأخضر؛ والحیویة فی اللون الأزرق. فیستمد فی کل هذه الدلالات من مخزونه الثقافی الزاخر بالعلوم المختلفة والحضارات والثقافات والدیانات المتنوّعة.